"خارج المكان" | معرض رقميّ

 

في معرضه "خارج المكان"، يصنع الفنّان الفلسطينيّ حسني رضوان رابطة استفزازيّة بين المأساة والطائرة. تشغل الأحداث المأساويّة المجال المرئيّ؛ ممّا يجعل البعد مستحيلًا، ويوقف التمثيل على مستوًى واحد. في حالة عدم وجود عمق مألوف؛ على العين البحث عن طريقة مختلفة للنظر.

تتكرّر الرسومات الدقيقة، والوجوه والأشكال، والقوارب والطائرات، والسحب، والصخور، عبر لوحات رضوان بلا خاتمة؛ ممّا يجعلها هشّة، وغالبًا ما تنقطع وتتداخل بقطع من الألوان المذهلة. تقوم هذه الكتل بتقسيم اللوحات وتركيبتها، وتوجيه العين بدقّة على طول خطوطها، في اتّجاهات غير مألوفة في كثير من الأحيان. إنّ العديد من اللوحات، على سبيل المثال، يُقرأ رأسيًّا لا أفقيًّا، اضطراب للتقدّم السرديّ، الّذي يشير إلى الانقطاع العميق للسرد التاريخيّ لفلسطين في القرن العشرين. الأشكال الموجودة في هذه اللوحات، أيضًا، ترفض المشاهدة السهلة: غالبًا ما تكون وجوههم مقلوبة أو بعيدة، وفي أماكن أخرى تكون العيون مظلّلة أو مغلقة أو مغمورة بالطلاء. تتذكّر اللوحات وترفض محاكاة التواصل - لقاء العيون، المرسومة والحقيقيّة - في مركز الصورة التقليديّة. إنّ القوارب والصخور والسماء تُجرَّد وتُزال، ولا يُسمح لها مطلقًا بتكوين المناظر الطبيعيّة الّتي تُرسم منها.

على هذا النحو؛ فإنّ هذه اللوحات، الّتي قد تبدو لطيفة أو حتّى مرحة، تشكّل ارتباطًا عميقًا على مستويات متعدّدة مع مأساة فلسطين المعاصرة. أمّا الصور الّتي تتقاطع فيها الأرقام أو تشطرها لوحات ملوّنة، فلها معنًى جديد في ضوء الفظائع الّتي تلحق بالجسم البشريّ، والاحتلال، على سبيل المثال غزّة. يبدو أنّ الوجوه المرسومة ترفض مقابلة عين المشاهد؛ استجابةً إلى تيّار الصور الإعلاميّة للمعاناة الفلسطينيّة، الّتي جرّدت من أولئك الّذين صوّروا حتّى خصوصيّة الحزن. إنّ الزخارف والألوان الّتي عاودت الظهور عبر اللوحات، في تباينات جديدة ومعترف بها على الدوام، تشير إلى ما لا نهاية له من المأساة الفلسطينيّة، الّتي امتدّت بالفعل عبر عقود، ولم تظهر أيّة علامة على النهاية.

 

تنشر فُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة بعضًا من أعمال هذا المعرض.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وُلد حسني رضوان في بغداد عام 1955.  درس "الفنون الجميلة" في "جامعة بغداد"، وأقام عددًا من المعارض الفرديّة، في العراق ولبنان وقبرص واليابان وفلسطين، شارك رضوان في معارض دوليّة، من بينها برلين والقاهرة والشارقة، غادر بغداد في عام 1979، وتوجّه إلى بيروت، حيث كان يعمل في مجال التصميم الجرافيكيّ والصحافة، مع الاستمرار في الرسم والطلاء باستخدام مواهبه؛ للتعبير عن موقفه إزاء قضيّة شعبه.